هذه قصة طويلة بعض الشيء
كنت أريد أن أنزلها على أجزاء
لكني أعتقد أنه من الأفضل انزالها كاملة
كنت أريد تأخيرها بعض الشيء حتى أعطيها حقها
لكن أشعر أنه من الواجب علي ارسالها الان و كما وصلتني من غير تغيير
هذه قصة ابن أختي الذي توفاه الله في نفس السنة التي توفي فيها أبي
و كان له دور في تغيير حياتي
قد يكون السبب لوفاة شخصين عزيزين علي في نفس السنة
و عبد الله هذا هو نفس الشاب الذي حضر وفاة أبي و كان قد قرأ القران كاملا عليه قبل وفاته رحمهما الله و أسكنهما فسيح جناته و رزقني رؤيتهما في الفردوس الأعلى
عمره حين توفى 15 سنة كان لعمره تأثيرا كبيرا علي كنت أسمع بأن الموت لا يعرف صغير و لا كبير لكن لم أتوقع أبدا أن يحدث هذا لأقربائي و في نفس السنة
فعرفت أن هذه الحياة لا تساوي شيئا إن لم نعمل بها ما يرضي الله
أترككم مع القصة كما أرسلها لي ابن أخي و أخوه عبد الرحمن
نهاية وأي نهاية
قبل أن أتكلم عن نهاية هذا الشاب الذي يقال له عبد الله يجب أن أحكي لك أيها القارئ كيف نشأ هذا الشاب وما هي النهاية التي كان سببها هذه النشأة ، فأقول مستعيناً بالله، إنه شاب التحق بحلق تحفيظ القرآن منذ نعومة أظفاره ، وكان كل يوم يأتي فيه إلى بيت الله يزيد خشية وخوفاً من مولاه ، في حلقات مسجد عمار بن ياسر ترعرع هذا الفتى ، كان ذا خلق عالٍ ، وكان متبعاً سنة الرسول r، وفي المرحلة المتوسطة بدأت حياة هذا الشاب تتغير ، وكأنه عالم إي وربي لا أقولها مبالغة وسترى من خلال ما أذكر لك أخي القارئ ، بدأ يبكر إلى المسجد للجلوس في روضته حتى لا تفوته تكبيرة الإحرام ، كانت دمعته تسابق قراءة الإمام ، ثم زاد اهتمامه في الأنس بالله ، فكان على صغر سنه يعتكف في رمضان ، وكنت أسأله لماذا تعتكف؟ قال : لأسباب منها أن يخلو الإنسان بربه ، وأن يعود نفسه على تكبيرة الإحرام ، والمحافظة كذلك على الوقت وترتيبه ، وكان هذا الشاب لا يفطر مع والديه في رمضان ، فكلمته وطلبت منه أن يذهب ولو يوماً واحداً لتناول وجبة الإفطار مع والديه فأبى.. أتدري لماذا ؟ لأنه كان منشغلاً بتفطير العمالة في المسجد، زادت همة هذا الشاب حتى تشربت عروقه حب الدعوة إلى الله جل جلاله ، فكان يطلب من والديه نقوداً لشراء بعض المطويات والكتيبات لكي يوزعها على كل من رأى منه تقصيراً في طاعة الله ، وبعد انتقاله إلى المرحلة الثالثة المتوسطة زادت همته، فأتم حفظ كتاب الله جل جلاله في رمضان عام 1423هـ ، وبعد أن قرأ عليّ آخر وجه من سورة البقرة ، جلس في زاوية من زوايا المسجد وبدأ يبكي، فقلت له: ما يبكيك؟ متوقعاً أنّ بكائه فرحة بحفظ كتاب الله .. فقال لي : يا أبا عبدالله المسؤولية أصبحت أعظم.. قلت : وأي مسؤولية؟! قال لي : حفظت القرآن وبقي العمل بهذا القرآن .. فاستصغرت نفسي حينها ، ثم بدأ يطلب العلم الشرعي عند المشائخ والعلماء أمثال العلامة بن جبرين حفظه الله ، والشيخ محمد العريفي في بلوغ المرام ، ومن ينظر إلى مذكراته يقول هذا تعليق وتقييد علماء.. إنها الهمة وكفى.. التي يعجز كثير ممن هم في سنه، وبعد ذلك بدأ بحفظ سنة المصطفى ، فأتم الأربعين النووية ، ثم حفظ جزءاً من متن الأصول الثلاثة ، وبدأ في حفظ متن عمدة الأحكام حتى أنهى منه 70 حديثاً ، وكان هذا الشاب له ورد يومي يقرأ فيه من كتاب الكبائر بعد صلاة الفجر ، هكذا عاش هذا الشاب الذي فارق هذه الحياة وعمره لم يتجاوز الخامسة عشر رحمه الله رحمه واسعة وأدخله فسيح جناته.
البرنامج اليومي لهذا الشاب
يستيقظ هذا الشاب كل يوم بعد أن يسمع داعي الله قد أعلنها أن حي على الصلاة ، فيحضر إلى المسجد ، ويؤدي سنة الفجر ثم يصلي فريضة الله وبعد الصلاة يذكر الأذكار ثم يورد بأذكار الصباح وبعد أن ينتهي يخرج كتاب الكبائر ويبدأ بالقراءة منه ثم ينصرف إلى المنزل ويمكث استعداداً للانطلاق إلى المدرسة ، بعد أن يراجع دروسه ، وفي أثناء الذهاب إلى المدرسة -وكان يدرس في معهد العاصمة النموذجي- يأخذ معه كتاباً للإمام عبدالعزيز بن باز رحمه الله يقرأ فيه في طريقه حتى يصل إلى المدرسة، ثم ينزل بحيوية ونشاط حتى ينتهي الدرس الثالث ، فينطلق مباشرة إلى النشاط المدرسي، فيبدأ بإلقاء الفوائد والمسابقات لزملائه الطلاب، وبعد نهاية الدوام المدرسي يرجع هذا الشاب إلى منزله ثم يكتب واجباته وينام ، فإذا أذّن المؤذن لصلاة العصر انطلق مباشرة إلى المسجد فصلى العصر، ثم جلس في حلق الذكر حتى قبيل المغرب ثم يرجع إلى المنزل لإنهاء بعض الأمور المنزلية التي يطلبها والديه منه ، فإذا أذّن المؤذن لصلاة المغرب ، انطلق مباشرة إلى المسجد وبعد صلاة المغرب يمكث في المسجد حتى أذان العشاء ، فإذا كان هناك درس لعالم أو محاضرة لشيخ انطلق إليها مباشرة، فإذا أذّن العشاء حضر إلى فريضة الله ، وهو في رباط من بعد صلاة المغرب ، وبعد إنهاء صلاة العشاء يرجع هذا الفتى إلى منزله فيقضي بعض الوقت مع الوالدين ، ثم يدخل غرفته فيوتر ثم ينام ، بعد يوم قد امتلأ بطاعة ربه جل جلاله ، فرحمه الله رحمه واسعة وأدخله فسيح جناته ...
مواقف مشرقة في حياة هذا الشاب
صليت صلاة العصر في مسجدي يوماً من الأيام وذلك قبل وفاته بأسابيع فجاءني بعد الصلاة وقال لي: أريدك في موضوع .. فقلت له: وما موضوعك ؟؟ قال: قبل أن أخبرك به أستحلفك بالله ألا تخبر به أحد.. قلت : لك ذلك.. فقال مدرسنا مدين ، وقد جاء أصحاب الدين وأودعوه السجن .. فأريد منك أن تساعدني في قضاء دينه .. لكن لا أريده أن يعرف أنني أنا من سعى في قضاء دينه ؛ حتى لا يحس بأن لي فضل عليه فهو مهما كان معلمي وله فضل بعد الله عليّ ، وبالفعل سعى في قضاء دين معلمه بطرقه الخاصة حتى استطاع اخراج معلمه من السجن فرحمه الله رحمه واسعة .. إنه الاخلاص وكفى ..
جاء هذا الشاب إلى والده فطلب منه أن يفصل له ثوباً ويشتري له شماغاً فقال له والده : عندك ملابس .. ولكنه رحمه الله كان يسعى إلى أمر لا يخطر ببال أحد .. فاستجاب له والده ففصّل له ثوباً واشترى له شماغاً .. أتعلمون ماذا كان يريد من هذا الفعل ؟؟ اسمع يامن يريد أن يرى بقية السلف .. لقد قام هذا الشاب بتخصيص هذا الثوب وهذا الشماغ لصلاة الجمعة فقط دون غيرها من الصلوات أو المناسبات سبحان من خلقه ، يقول أخوه : فإذا رجع من صلاة الجمعة غسله ثم علقه فلم يلبسه إلا في الجمعة الثانية ، فرحمه الله رحمه واسعة .
رأى هذا الشاب رحمه الله شاباً مقصراً في طاعة الله، ولا يشهد الصلاة في المسجد فقال في نفسه : لماذا لا أقدم نصيحة لهذا الشاب ؟ فقام بكتابة رسالة له يدعوه فيها إلى التوبة النصوح وحينما أعطى الشاب الرسالة وقرأها قام بتمزيق الرسالة ورميها في وجه صاحبنا فما كان منه إلا أن تبسم وقال جزاك الله خيراً فانظر إلى اهتمامه بدعوة الناس ،رحمه الله رحمة واسعة ..
بعد وفاة هذا الشاب وجد اخوه في مكتبه رسائل عده ، ففتح واحدة منها يريد أن يعرف ما فيها ، فكانت هذه الرسائل موجهة إلى معلميه ينصحهم فيها عن الاسبال وعن حلق اللحية وعن شرب الدخان ويبين لهم حكم الشرع فيها ، فيالها من همة يوم وصلت به الدعوة إلى نصح وإرشاد معلميه ، فرحمه الله رحمه واسعة ..
اتصل بي قبل وفاته وسألني سؤالاً قائلاً لي : ما حكم الدمى التي تصنع للأطفال ؟؟ فأوضحت له الخلاف الذي بين العلماء في هذه المسألة .. فقال : لها عين وأنف وأذن ، وهي شبيهه بالمخلوق فقلت له إذاً هي مضاهاة لخلق الله ، فقال : يعني حرام .. فقلت : نعم ، فذهب إلى والدته وأصبح يحاول فيها أن تعطيه هذه الدمية حتى يقوم بإتلافها ، فسبحان من أعطاه حب المعروف وبغض المنكر ، رحمه الله رحمه واسعة .
كان رحمه الله يوصي كل من يعرفه ألا يحتقر من أمامه أياً كان ، بل يجب أن يستفيد كل شخص ممن أمامه ، سواء كان صغيراً أو كبيراً ، وكان يقول : يجب علينا أن نقبل الحق من كل أحد كائناً من كان رحمه الله رحمه واسعة .
كان رحمه الله مسؤلاً عن الكتب التي في المسجد ، فقام بتجميعها ووضع فهرسة لها ووضع ملفاً خاصاً يمكن المصلين من الاستفادة من هذه الكتب التي في المسجد كفتاوى شيخ الاسلام والمغني وغيرها من كتب السيرة والحديث والفقه واللغة والقصص .. فرحمه الله رحمه واسعة ..
كان يحرص على توزيع شريط الداعية الدكتور / عبدالمحسن الاحمد الذي هو بعنوان " قصص لا أنساها " حتى أنني اشتريت 100 شريط فكان يطلب منّي باستمرار أن أعطيه منها حتى يوزعها رحمه الله .
كان إذا ذهب في زيارة أقاربه لا يجعل الوقت يمر دون أن يستفيدوا منه جميعاً ، فقد كان يجهز لهم مسابقات قبل أن يحضر إليهم ، ثم يقوم بإلقاءها عليهم ، فكانوا يفرحون كثيراً بل ينتظرون اليوم الذي يحضر فيه عبدالله ؛ لأنه ولو لم يلقي عليهم مسابقة فإنه يتكلم بما يفيد مع الكبير والصغير، رحمه الله رحمه واسعة .
أقيمت مسابقة على مستوى المرحلة المتوسطة في معهد العاصمة النموذجي ، فما كان منه رحمه الله إلا أن استعد بجوائز المسابقة وكان عدد المتسابقين يقرب من خمسين طالباً .
بعد وفاة الأخ عبدالله الهندي رحمة الله عليه ، قمت بالذهاب إلى مكتبة قريبة من منزله ، لشراء بعض الأغراض ، وكانت هذه المكتبة متميزة بأمر لا أكاد أراه في بقية المكتبات حيث أن الداخل إليها يجد دائماً أذكاراً للتوزيع أو نصائح أو ما أشبه ذلك ، ولكنني دخلت هذه المرة فلم أجد على الطاولة شيء مما كان يوضع عليها فسألته : أين الأذكار والنصائح ؟ فقال وبهذه العبارة :"عبدالله ما فيه جيب .." فقلت له : من عبدالله ؟ فقام بوصفه لي حتى أخبرني بمكان بيته ، فعلمت أنه صاحبنا ، فقلت له : لقد مات ... فحزن والله حزناً شديداً ، رأيت ذلك على تقاسيم وجهه وعينيه ، ثم قال بهذه العبارة :"والله عبدالله نفر ممتاز ... دنيا خربان " فرحم الله أخينا وجمعنا به في جنات النعيم .
بعد وفاته رحمه الله ، قام أخوه بفتح مكتبه لينظر ما فيه ، فوجد داخل المكتب بحثاً بعنوان " من تجربتي في الحلقة " وكان هذا البحث يتضمن كلاماً يكتب بماء الذهب ، حيث يوصي فيه الشباب باحترام مدرسيهم في الحلقة كما يوصيهم بالتناصح وعدم ترك النصيحة خشية أن تخسر من أمامك وأن هذا من تلبيس إبليس ، كما يوصيهم بأن يكون الانسان ثابت في استقامته سواء كان في المدرسة أم في الحي أو في الحلقة ، وكان من وصاياه ما نصه "حاول أن تستفيد من أي طالب بأي وسيلة كانت ، ولا تحتقر الصغير فالكبير بالعقل ، احترم الكبير ولو أخطأ عليك ،احذر ممن غضبه شديد وكثير ، لا يطل المزاح ، احذر النميمة والتفتين بين الناس ، حاول أن تصلح ما بينك وبين أخيك بأية وسيلة ، لا تجعل أخوك يتمادى في المنكر ، البغض في الله والحب في الله ، إذا كنت في مدرسة واحدة أنت وزميلك فلا تنقل أخطاءه إلى الحلقة ، يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ..، مواصلة أخيك وهو مريض تذهب مرضه وتشرح صدره ، تواضع ، وأخيراً مهما حصل بينك وبين أخيك فإن هذا لا يؤدي بك إلى قطعه فهو أخ لك في الله "
كان رحمه الله يغتم كثيراً لما يصيب المسلمين في فلسطين وغيرها ، حتى أنه كان والله يبكي دائماً لما يمرون به من قهر وظلم على مرءاً من العالم كله ، وكان يفرح بأي انتصار لهم ،وكان يقول دائماً : إن في العين دمعات . . وفي القلب حسرات .. على ما يرى في هذا العالم من نكسات .. وعلى ما يرى في عالمنا الاسلامي من طعنات .. لكن لن يستمر هذا الذل وهناك رجال قد عاهدوا الله على بذل المهج في سبيله ، فاشترى الله منهم المهج "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون "
يقول مدرس هذا الشاب رحمه الله ، الاستاذ عبدالله مدخلي سألت عبدالله ومجموعة معه عمّا حدث في بلادنا حرسها الله من تفجيرات وهتك للحرمات ، فما كان منه إلا أن أنكرها بشدة هو وزملاؤه ، وليس هذا غريب على شاب نشأ في طاعة الله محباً لدينه وبلده فرحمه الله رحمه واسعة ... انتهى كلامه.
من آخر ما أذكر عنه حتى لا يطول الحديث ، أنه مات ليحيى غيره ... عبارة غريبة تحمل في طياتها أسرار وبين جنباتها أخبار ، فإليك أيها الأخ المبارك تفسير هذه العبارة وهي عبارة نهاية المطاف التي كانت من آخر مواقفه رحمه الله ، نعم لقد مات .. ولكن كيف مات ؟؟ هل مات كما يموت غيره على سماع الأغاني ؟ أم مات وهو مقترف لمعصية الرحمن ؟ أم عاد من خارج بلاده محمولاً في تابوت بعد أن لفظ آخر أنفاسه وهو في سكر وعهر ؟ لا وكيف تكون هذه حياته وهذه مواقفه ثم لا يختم له بخير عند من لا يظلم الناس شيئاً ، أقول اسمع إلى هذه النهاية نعم .. نهاية وأي نهاية .. رزقنا الله وإياكم حسن الختام ، ربط صاحبنا أمتعته بعد أن حصل على تذكرة سفر من مدرسته إلى مكة لمكرمة ، تكريماً له لإتمامه حفظ الأربعين النووية من أحاديث خير البرية ، واجتيازه هذه المسابقة ، توجه صاحبنا إلى مكة ، وبعد صلاة المغرب من يوم الاربعاء الموافق 13/3/1324هـ ، اتصلت عليه للسؤال عن حاله فحادثني وأخبرني أنه في صحة وعافية ، وفي يوم الخميس وصل هو وأصحابه إلى حرم الله ، فقاموا بأداء فريضة العمرة وبعد صلاة الظهر من يوم الخميس اتصلت عليه فأخبرني أنه قد أتم العمرة بكل يسر وسهوله ، وأنه دعا لي في عمرته ..، ثم صلى بقية الصلوات في الحرم ، وفي ليلة الجمعة الموافقة 15/3/1324هـ ، وبعد أداء صلاة العشاء عاد صاحبنا إلى الفندق الذي يسكن به هو وأصحابه يقال له " الخزندار" وجلسوا ينتظرون العشاء ، أثناء هذه اللحظات إذا بالدخان يتصاعد في الفندق بشكل مخيف ، فما كان من صاحبنا وزميله يزيد إلاّ أن ذهبوا إلى الأدوار العلوية ، وكانوا يسكنون في الطابق الثالث من هذا الفندق ، فبدأ عبدالله ويزيد ينبهون النزلاء بأن هناك حريق في الفندق فأخذ الناس ينزلون من مساكنهم وصاحبنا يصعد الادوار لتنبيه الناس حتى وصل إلى الدور السابع وقد خارت قواه فسقط في الممر ولفظ آخر أنفاسه رحمه الله ، جاء رجال الدفاع المدني وأخرجوه ، وحينما رآه الناس بدأوا يبكون ويقولون هذا الذي أخبرنا بوجود الحريق ... رحمه الله واسعة .. الله أكبر إنها الخاتمة .. إنها النهاية .. إنه الايثار الذي تربى عليه .. آثر على نفسه بأعظم ما يملك نفسه " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة " كرامات تتابع لهذا الشاب لعل منها أنه في اليوم الذي توفي فيه قد أدى العمرة وهي كفارة للعمرة التي بعدها إذا اجتنبت الكبائر ، وقد صلى لعشاء في الحرم بمئة ألف صلاة ، ومن صلى العشاء في جماعة فهو في ذمة الله حتى يصبح ، وقد مات ليلة الجمعة ومن مات ليلة لجمعة وقاه الله من عذاب القبر ، ومات حريق فهو شهيد بإذن الله ، ومات رحمه الله وهو حافظ للقرآن كاملاً في صدره ... رحمك الله يا عبدالله كم أحييت قلوباً وكم فعلت أموراً يعجز عنها العظماء ، نعم لقد عاش في غير وقته ، إنه من بقية السلف ، ولا أدل على ذلك مما كان يتمتع به صفات لعل من أهمها طلبه للعلم في هذا السن المبكر ومذكراته شاهدة على ذلك .. أخي الحبيب يا من كلما طال عمره زاد ذنبه .. يا من كلما ابيض شعره بمرور الايام اسود بالاثام قلبه .. تب إلى الله قبل أن يفجأك هادم اللذات .. ومفرق الجماعات ..
بعض الرؤى التي رآها بعض أحبته فيه رحمه الله ..
يقول أحد جماعة المسجد " رأيت أن الصلاة أقيمت ، وتقدم الإمام للصلاة فرأى فرجة في الروضة ، فقال أحد الجماعة لمن خلفه : تقدم ، فقالوا : هذا مكان عبدالله لا نأتي فيه ..."
تقول إحدى قريباته " رأيت فلانة -إحدى قريباتها نحسبها صالحة بإذن الله- وسألتها : هل أنتم في حزن أم فرح ؟؟ فقالت : لا والله إننا في فرح ، وزاد فرحنا بقدوم عبدالله ... ورأتها وهي تطعم عبدالله عسل ..."
رأته إحدى أخواته تقول في رؤيا طويلة "... إنها قابلت عبدالله في أرض خضراء كبيرة ، وتحادثت معه وفي أثناء الحديث قال لها : إن الله رفعني ست درجات ... فقالت : لماذا؟ قال : أولاً : لأني لم أمت على فراشي ، بل وأنا أدافع عن أرواح المؤمنين .. ثانياً : لأني في مكة .. ثالثاً : لأني قد اعتمرت .. رابعاً : لأني والروح تخرج مني قلت اللهم اغفرلي وارحمني.. خامساً : لأني دعوت لكم .. وأنت خصوصاً ..
تقول إحدى أخواته : كلما رأيت عبدالله رحمه الله قال لها : إنني حي .. والله إنني حي ، فسألته : كيف ما زلت حياً وعبدالرحمن وأبوي قاموا بدفنك ، قال : بعد أن قاموا بدفني رجعت إليّ الروح ... فقاطعته قائله : عبدالله كيف كان قبرك ؟ قال : وااااااااااسع .
رأته إحدى أخواته تقول : " رأيت مجموعة أوراق من تحت باب المنزل فأخذتها ، وقامت والدتي بقراءتها ، فكانت كلها آيات عن الصبر ، ولفت نظرها من بين آيات الصبر قول الله ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم ...).. وفي نهاية الورقة مكتوب (( و أبشروا أباه .. بأن عبدالله في جنان الرحمن)) .
أسأل الله أن يجعل مأواه الجنان .. وأن يجمعنا به في الفردوس الأعلى وأن يتقبله في الشهداء .. وأن يرزقنا حسن الخاتمة ..
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ...
كان هذا العمل البسيط بعد أن طلبت الإذن من أخيه عبدالرحمن ، وبعد ان قام هو بنفسه بتنقيحها
أخوكم ومحبكم
إمام مسجد عمار بن ياسر والمشرف على الحلقات،
والمدرس بمتوسطة ابن خلدون
والمدير العام على أنشطة جامع الراجحي بحي الصفا.
خالد بن عبدالله آل هملان